حبوب اللقاح

إعداد:د.نزار حداد

م. عمر العدوان

م.أسامه مقدادي

 

تطرقنا في الأعداد السابقة من مجلة بترانا إلى سلسلة من المواضيع عن منتجات الخلية، فتناولنا موضوع العسل ثم  الغذاء الملكي ومن ثم عن البروبوليس وفي هذا العدد نقدم للقارئ الكريم مختصراً ميسراً في  حبوب اللقاح وفوائده .

ترجع أهمية حبوب اللقاح لما لها من دور أساسي وكبير في الخلية وإستمراريتها في الحياة حيث أن النحل

يعتمد في غذائه على الرحيق كمصدر للكربوهيدرات ، وحبوب اللقاح " غبار الطلع " كمصدر   للبروتينات ويستخدمه النحل في تغذية اليرقات ، ويكون استهلاك الخلية عالياً بحلول فصل الربيع لأن الملكة تكون في فترة النشاط القصوى لها.

 

  حبوب اللقاح هي أعضاء التكاثر الذكري في النباتات تتكون من ذرات غبارية دقيقة وتختلف ألوانها باختلاف النبات حيث أن النحل السارح يزور أنواع مختلفة من النباتات خلال زياراته المختلفة للأزهار وله دور أساسي في تلقيح الأزهار ،وقبل أن يقوم النحل برحلته يقوم بتقييم حاجة الخلية من حبوب اللقاح من خلال معرفته بأعداد اليرقات وكمية حبوب اللقاح المتوفرة والمخزنة في العيون السداسية ، و يجمعها على شكل كرتين في سلتي حبوب اللقاح الموجوده على زوج الارجل الخلفية للشغالة ( العاملة) ، وتختلف اوزان حبوب اللقاح التي يجمعها النحل حسب الطوائف ،فالخلايا القوية جداً تستطيع جمع كمية اكبر من حبوب اللقاح من الخلايا الضعيفة  ، وفي حال تساوت قوة الطائفتين فان الطائفة التي لا تحتوي على حضنة تجمع كمية اقل من حبوب اللقاح من الطائفة التي تحتوي على حضنة بأعداد كبيرة،  وتخزن حبوب اللقاح في العيون السداسية بعد عجنها بالعسل لتستعملها بعد ذلك في تغذية اليرقات ومتعارف عليه ب"خبز النحل" .

 

والنحلة التي تقوم بجمع حبوب اللقاح لا تنشغل بجمع الرحيق والعكس صحيح علماً بأن النحل خلال رحلته الواحدة لا يجمع إلا نوعية واحدة من حبوب اللقاح ويختلف وزن حبوب اللقاح المجموع من النحلة خلال الرحلة الواحدة  وتزن في المتوسط 20 ملغم وتحتوي على ما يقارب 4 مليون حبة لقاح ، وقد تجمع الطائفة القوية عدة كيلوغرامات من حبوب اللقاح في الموسم الواحد ،وتعتمد كمية حبوب اللقاح على وفرتها في الحقول المجاورة.

 

وبتناولنا للعسل فإننا بصورة غير مباشرة نتناول حبوب اللقاح إذ أن العسل الطبيعي يحتوي على كميات كبيرة من حبوب اللقاح  ، كما أن العسل يتميز بصفات خاصة بحسب انواع الأزهار التي يأتي منها ، كذلك الأصناف النباتية تنتج طلعاَ مختلفاً في تركيبه وخواصه َ، ومما يجدر بنا ملاحظته ان حبوب اللقاح التي تحملها النحلة وتدخل بها الى الخلية تختلف في لونها عن حبوب اللقاح الخام المرفوعه عن أسدية الزهرة ويعود السبب في ذلك أن النحلة تقوم بخلط حبوب اللقاح مع الرحيق وذلك يؤدي الى تبدل في لون كتل حبوب اللقاح .

 

 ويمكن جمع حبوب اللقاح بطرق عديدة حيث يمكن تركيب مصيدة على مدخل الخلية تسمح بمرورالنحل السارح وتعيق دخول كتل حبوب اللقاح العالقة بأرجله فتسقط هذه الكتل وتنفذ خلال شبك المصيدة الى صندوق في اسفل الخلية ، فيقوم النحال بفك المصيدة وجمع حبوب اللقاح المتجمعة فيه ، ويمكن ايضاً وضع مصيدة مكان قاعدة الخلية بصفة مؤقتة حيث تركب وتزال بعد جمع حبوب اللقاح التي تتساقط من النحل السارح بفعل الشبك في درج خشبي في قاعدة المصيدة  .

 

ويجب تجفيف حبوب اللقاح بعد جمعها مباشرة حتى لا تكون عرضة للتعفن والتخمر لأنه لا يتعذر الاحتفاظ بها أو تخزينها  نظراً للرطوبة العالية ويمكن تجفيفها عن طريق نشرها على أسطح في طبقات رقيقة (لا تزيد سماكتها عن 1سم ) ويرسل بينها تيار هوائي ساخن وجاف لمدة 10ساعات، ويمكن التأكد من جفافها بشكل جيد عندما لا تكون كرات حبوب اللقاح ملتصقة ببعضها البعض ، ويمكن حفظها أيضا عن طريق تعريض هذه الحبوب الى مصباح الأشعة تحت الحمراء بقوة 250 واط على مسافة 20 سم وتترك على درجة حرارة 45 مْ تقريباَ لمدة ساعة لتجفيفها، كما يمكن حفظها بالتبريد دون درجة 20مْ .

 

 و تعد حبوب اللقاح أو ( غبار الطلع) من أغنى الأغذية في الطبيعة وذلك لاحتوائها على ما يقارب

20- 35% بروتينات وعلى مجموعات مختلفة من الأحماض الأمينية لا يستطيع جسم الإنسان تصنيعها  مثل ( ليزين ، تربتوفان، هيستدين ،ليوسين،ايزوليوسين،ميثيونين،فينيل آلانين،ثريونين،فالين) وأحماض امينية اخرى تعمل على زيادة سرعة النمو مثل( برولين، سيستين،ارجنين ،تيروزين،سيرين )، و 40% من الجلوسيدات ( ومنها النشا واللاكتوز ) و 5% دهون و 5% ماء ويبقى 15% من المركبات المختلفة التي لم تعرف بعد، وبعض المعادن وعدد كبير من الانزيمات والخمائر خاصة الاميليز وفيتامينات متنوعة ليست غزيره ولكن تفي بإحتياجات الانسان اليومية مثل فيتامين (أ، ب1 ، ب2 ، ب6 ، ، ج ، د ، هـ).

 

ولهذه المكونات القدرة على تحقيق فوائد علاجية عديدة حيث استعملت طبيا في علاج حالات التهاب الامعاء الدقيقه وعسر الهضم وفي حالة النحافة ولها مفعول مفيد في التمثيل الغذائي وزيادة كريات الدم الحمراء ، ولها دور كبير في المحافظة على التوازن الوظيفي وتعمل كمضاد للسموم عامة  ،وتأثيرها شامل حيث انه يعيد الشهية ويكافح الهزال المستعصي ، و توتر الأعصاب والانحطاط العصبي ، واضطرابات البروستات وبعض حالات الضعف الجنسي .

 

ويمكن أيضا علاج الأشخاص الذين يعانون من الحساسية لحبوب اللقاح خلال موسم الإزهار بعقارات مضادة للهستامين الذي يتكون عند الأشخاص الذين يعانون من الحساسية حيث يعمل الهستامين على توسيع الشعيرات الدموية وزيادة نفاذيتها ، ويمكن أيضا تخفيف شدة الحساسية بتعويد أجسامهم على كميات ضئيلة من مركبات الحساسية وترفع هذه الكميات تدريجياً لرفع حدود الحساسية .

 

ويجب الاحتراس من عدة طفيليات تؤثر سلباً على جودة حبوب اللقاح وهي عثة الشمع ،  والفاروا varroa destructor ونوع من العناكب المجهرية carpoglyphus lactis الذي يتلف حبوب اللقاح ويحولها الى غبار دقيق غير صالح للاستعمال .

 

تقوم وحدة أبحاث النحل في المركز الوطني للبحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا حالياً بتحليل وتصنيف وتصوير حبوب اللقاح من اجل استخدامها في تحليل العسل باستخدام مؤشر حبوب اللقاح ، والتعرف على أكثر النباتات التي يزورها ويفضلها النحل ، وأيضا من اجل كشف غش العسل بتحليل حبوب اللقاح الموجودة فيه (Melisopalynology )لأن الكيلوغرام الواحد من العسل يحتوي على عدة ملايين من حبوب اللقاح يمكن اكتشافها بالفحص ألمجهري، حيث يمكن التأكد من غش العسل بهذه الطريقة بانخفاض محتواه من حبوب اللقاح ، ويمكن أيضا التمييز بين العسل المحلي والعسل المستورد لاحتواء المستورد على حبوب لقاح لأزهار غريبة غير منتشرة في الأردن .